يعد الفنان «كمال السراج» واحد من فنانينا الذين يستلهمون ما في أشكال حروف الكتابة العربية من مطاوعة للمد والاستمرار، وما تحويه من ليونة وحيوية في اعمالهم، مستخدمين الحرف كشكل مجرد غني بالإيحاءات التشكيلية. يقوم «السراج» بعمل توليفات يتحول فيها الحرف وبخاصة «السين» إلى شكل جمالي جديد لا يلتزم بالتركيب التشريحي المتعارف عليه، بل يبدو في تجاوره تارة في إيقاع متكرر، أو تحاوره تارة أخرى مع أشكال أخرى، كما لو كان مشخصا يتحرك في نمو مطرد ينكرس فجأة دائرا حول نفسه أو ينتمي في انسيابية «منزلقا» بين أشكال أخرى تلتف حوله، صانعا بذلك إيقاعات لا نستطيع أن نعتبرها تجريدا خالصا، وفي نفس الوقت لا تعد تشخيصا يحمل معاني أدبية، وإنما هي عملية صياغة جديدة لعوامل مادتها الأولى هي جزء من ألصق الأشياء بالإنسان.
وذلك التناول لها بالتحوير والتجديد هو تأكيد لكون الإبداع هو صياغة جديدة للأشياء والمعاني، تعتمد في قيمتها ورسوخها على الهامات صادقة لا تتأتى إلا لفنان.