Dr Kamal Elsarrag

الشكل عند السراج بين القومية والحداثة

 

 

إن الفن نشاط بنائي، علاوة على كونه تأمل ذاتي، وغاية لمعيار جمالي يقوم به الفنان، وغالبًا ما تكون الطبيعة أساس لملهمته، يذهب بها إلى أبعاد المطلق، كما أن المطلق هو ذلك التلخيص الشديد لعنصر ما ينتمي إلى عامل الطبيعة. بعد ينهل الفنان منها ما فيها من كينونة مركبة تحاورها مدركاته الحسية. والإبداع الفني غالبًا ما يكشف لنا عن عوامل أخرى، كيانها سحري، إنها نوع من التراكب لذلك المخزون بكم هائل في اللاشعور، وحالة من التوتر تثير فينا حسا دفينا طالما داعبتنا أطيافه، كأنه حلم يقظه، كما أن الأشكال التي يبدعها الفنان غالبًا ما تفرض نفسها بقوة تفوق الحقيقة في حياتنا اليومية، فهي اكثر بريقا من الأشياء الطبيعية، والفنان يفوق الفرد العادي حين يستخرج مخزون اللاوعي في موضوع جمالي تحقيقا لعالمه الحالم، كما أن الفنان يتميز بقدرة فائقة في إثارة ذلك الإيقاع الوجداني الجميل لموجودات قد تكون تافهة أو غير مثيرة للإنسان العادي، إنها قدرة تحدثها تلك الصراعات بين الرتابة المعيشية وبين قوة سحرية غامضة تلح في إصرار لتطفو على السطح حتى تسقط في كبرياء تلك الهمهمات التي يتوه بها الفنان في فترات ما بين الحلم واليقظة، لذلك فإن نتاج الفنان لعمل فني لا يقاس بمعايير عقلانية بحتة، وإمنا بإدراك حدسي غير مباشر، إدراك كلي نحس به، كأنه طفل فاق مرحلة المراهقة أو مراهق يعي بما فيعله، فهو قادر على إسقاط مكنوناته في صياغة ملحة مصنوعة، تخضع لقواعد علمية مدروسة ومهارات يدوية قادرة على التعبير بوسائط يختارها من مواد حقيقية أو مصنوعة والفن التشكيلي متعة جمالية، وهو درب من دروب اللذة واللعب المأسوي، وكلام كان بعيدا عن محاكاة الطبيعة أو تقليدا مدرسيًا، أو حالً حسابيًا بحتًا أو إسقاطًا فوريًا عبثيًا، كان أقرب إلى شخصية الفنان، وأضحى أصدق تعبيراً واكثر تأثيراً على الجمهور حتى إذا لم يتفهمه بمنطقه العادي، لهذا فإن سلوك جمهور ما حين يثور على عمل فني ذي طراز جديد لا يعني بالضرورة أنه عمل إبداعي مرفوض، ولكن لأنه المقاييس الجمالية لدى هذا الجمهور تعتمد على ما لديه من معايير شائعة تعود عليها، كما أنه يتمتع في الواقع بحظ ضئيل من المزاج الفني بدالً من أن يتمتع بذوق انسيابي حالم تسوده المغامرة. وعامل الفنان كمال السراج غريب ولكنه أقرب إلى المنطق تجردت عناصره من طبيعتها إلى أشكال احتوت على خليط متناقض لما بين الحقيقة المجردة وما فوق الطبيعة، أو تناقض لحدس غيبي في معادلة رياضية، أو تناقض لمنتهى العقلانية ومنتهى الروحانية لما قبل الشعور، ونعني به اللاشعور الروحي، والتجريد عند السراج يصوغه الإعلاء، وهو من عمل الذات العليا، فأشكاله الفنية تسمو إلى عوامل ميتافزيقية، فصلت علاقتها بالكائن البشري، ولكنها تطل عليه بين حين وآخر، فزعة هاربة من تجردها، وكأنها مخلوقات خيالية تفرض نفسها بقوة في مساحات أقرب إلى الهندسية الحسية، رمادية اللون أحيانًا أو ضوئية ناصعة البياض، وكأنها تعبير عن مأساة حياتية تكسوها غلاله أخلاقية سامية. إن قوة الخاصية الجمالية هي التي تمنح الفنان الحياة والطاقة، كما أن القوى الحية التي تكمن في الطبيعة هي التي متده بديناميكية داخلية، وحين تندمج كل منها بالأخرى تتولد قوة دفع ثورية بنائية يقودها كل من الحس والعقل ومهارة أصابع اليد المنفذة، والحقيقة أن السراج يمتلك كنزا داخليًا يستمد منه موهبته للتعبير عن مشاعره بلغة شديدة الخصوصية، وهذا حين يعتمد على إدراكه الكلي بصدق، تداعيه عقلانية التجريد، وتندمج عناصره في تكوينات ذكية تلعب فيها الصدفة أحيانًا ليؤكدها تأكيدا واعيًا ينم عن مهارة علمية وحس مرهف، فيخلق لنا جوا عذبًا يسلب اللب، بعيد كل البعد عن تلك المداعبات اللونية السطحية التي ينطفئ بريقها بعد حين، ورغم أن إبداعاته أخلاقية، إلا أنها تحتوي في غالبيتها على حس مأسوي يداعبنا في اللاشعور مداعبة حذره، ولأشكاله الفنية عالقات لا منطقية رغم شمولها على بناء منطقي، وهي أقرب إلى اللاشعور رغم صياغتها العقلانية هذا علاوة على ما يصادفنا من صياغة يصنعها بيده أحيانًا، وكأنها لزمات يؤديها كي تحل مشكلة ما في الشكل الجمالي أو في التكوين، كتلك التبقيعات التي تلازم صياغاته في غالبية مراحله، أو خطوطه المرتعشة حينما تفقد كيانها لتتنوع معها، هي في الواقع التزامات ذكية وحلول ماهرة تساعده في التعبير عن ملمس، أو تباين في حدة الخط كعامل مؤثر للشعور بالعمق البصري، أو كمؤثر للتعبير عن فوضى جمالية كتلك التي تتميز بها الطبيعة أحيانًا. والعمل الفني عند السراج يمتاز بالسيادة ، كما يسود الخط المرسوم، بكل خواصه، والأشكال بكل توافقها وتباينها، فأشكاله تساعد على توجيه البصر نحو مركز السيادة، وتقويته عن طريق ترابط وحداتها أيًا كان نوعها، تجريدية أو عضوية، كما أن اعماله الفنية تحتوي على قدر من التباين في الحركة والسكون، وتصور إيحائي للعمق الفراغي، رغم تناوله أسلوبًا تجريديًا مسطحا، وهو في تصوره لعالقات أشكاله الجمالية شمولي المزاج غشتلتي النزعة، كما أنه قادر على تمييز كيانًا تشكيليًا عن آخر فارغياً رغم تساوي جهد يهما الحركي أو ملمسيها، إذ أنه يوحى بقدرات خاصة لمهاراته اليدوية في اللعب بوسائطه اللونية الحقيقة منها والمصنوعة.

على أن العمل الفني يجب أن تسوده قوة تشكيلية تثير الانتباه حتى لا يصاب بقلق ذهني نتيجة للقوى المتصارعة المتكافئة التي قد تؤدي في النهاية إلى رشده العقلي وتؤكد الدراسات السيكو بيولوجية أن الصراع النفسي الذي لا يجد حالً يؤدي إلى أمراض نفسية كالقلق والخوف والذهول، لهذا فإن الصراع يتحتم أن يكون بين نقيضين، وتكون السيادة لأي منهما، لهذا فقد اختار الفنان وحدة تشكيلية تسود التكوين، والحرف «س» الذي تجاوز الفنان كمال السراج شكله التقليدي، ومدلوله الأدبي كحرف ما من أبجدية الكتابة العربية الحديثة، أضحى محوًرا هاما في تكويناته ونداء بصريا له خصائصه الديناميكية والسيادة، واختياره لهذا الحرف بعينه مل يكن قيد النمط جامد يلح عليه في إصرار لكي يكون تكرارا هامدا لا حياة فيه، وإنما كان وما زال ركيزة الابتكار عبقري مأل به الدنيا صياغات جمالية غنية للتنويع، صياغات لم تفقد صالتها بماضيها وال بأصالتها كما أنه حين يبدي انتباهه إلى صياغته فإنه يغوص في تأملاته اللاشعورية تغييراته المزاجية لمحتوى ما فوق الحقيقة، ذلك المزاج اللاشعوري الذي هو بمثابة حشد لما يخفيه، فيتكون بصورة ال إرادية حدس قوامه سريالي، إنه عاشق مدله

بالحرف «س.»» لا غرابة فالحرف «س» رغم كونه حرفًا عربيًا عاديًا كباقي الحروف الأبجدية، إلا أنه غالبًا ال يستعمل تلخيصا ودلالة لكلمة سؤال، ونحن نردده كثيرا في حياتنا اليومية، يحيله الفنان أحيانًا إلى طائر بري دكنت ألوانه وبرزت مخالبة، أو رمزا ليد أدمية حذره شديدة السخونة، أو إيحاء لكلمة الله الخالق تزهو في وقار، واضحت السين وعناصره الأخرى التجريدية مرتبطة برباط وجداين وثيق يستحيل الفصل بينهما لما تحتويه كل منهما بمضامين جمالية ولفكرة تعرب عن مثالية أخلاقية، اتحدتا لينساب كل منهام في الوسيط التشكيلي.. غريب هذا العامل الذي يعايشنا فيه الفنان السراج، عامل عاطفي قلق ثائر وغير مستقر أحيانًا، أو هادئ صوفي يسبح بحمد ربه في خلود أبدي.. إذن لقد اختار السراج الحرف «س» وتعلق به ليك يكون رمزا سرياليا يثري به انتباه المشاهد بما يحتويه من مضامين، وقد تكون دوافع هذه التلبية البصرية كمأنة في أعامق اللاشعور، ولايدرك الفرد سببًا مبارشا صريحا لهذا التجاوب، وذلك ألن المضمون قد تحول إلى مظهر آخر عن ذلك الشكل المألوف، ولكن ملاذا اختار الفنان حرف السين بالذات وعشقه واستلهم منه كل هذه الأشكال المبتكرة حتى أصبحت ركيزة وإثراء لأعماله الفنية، وأن الفنان نفسه يقول لقد كان اختياري لحرف «س» من الحروف الأبجدية العربية اختيار يرجع إلى تركيبته الفنية الانسيابية، وشكله الجميل المركب المملوء بالحركة، وكانت فكرتي في أول الأمر هي البداية باستخدام حرف «س» كلغة تشكيلية في أعمالي الفنية، وذلك من خلال شكله الجميل المجرد أو من خلال إيحاءاته المختلفة، على أن يتبع هذا الحرف حروف أخرى بعد فترة من الزمن ولكن حينما انطلق عنان الخيال الفني عندي كلغة تشكيل في استخدام واستلهام حرف «س» استمر العطاء والإبداع وكأنه معني لا ينضب بلا حدود بلا نهاية حتى أن الحرف نفسه اجتاز مراحل فنية متعددة الأساليب والاتجاهات والخامات وطرق التنفيذ، وأصبحت بعد ذلك العملية الفنية بمثابة بحث في معطيات أشكال وجماليات هذا الحرف هذا ما يقوله الفنان نفسه معربا عن مدى عشقه للحرف «س» بعد أن داعبته الكتابة العربية منذ بداية السبعينيات، وغاص بخياله في الشكل الجميل فحروفها كجزء من تراث الفن الإسلامي، ثم يتابع قائلا هذا الفن المتمثل في تألفي زخارف الخطوط العربية داخل مخارج العمارة الإسلامية، وكذلك مخطوطات التراث الإسلامي في تسجيل آيات القرآن الكريم وقصص الأنبياء والمرسلين لهذا فقد كان اختياره للحرف «س» كلغة تشكيلية لسببين أولهما لانسيابية ولشحنته الديناميكية وثانيهما لنزعته الأخلاقية رغم مداعبة بعض الغرائز والتي بالضرورة تتغلغل في مضامينه لترثي أحاسيسه الجمالية، تنبثق منها إشعاعات تضفي الحرارة على جامل أشكاله، والتي لوالها لكانت حاسته الجمالية إدراكًا رياضيًا بحتًا، إذ أن تعبير الفنان عن غرائزه بحس جمالي يكون بالضرورة تعبيرا ملحا ال شعوريًا أو تلميحا لا إراديًا، رغم أخلاقياته.

إن أبجدية «س» تعيش في عمله الفني في شموخ وكبرياء يعشقها عشقا ميتًا فيزيقيًا، وللحرف «س» حضارة وتراث، فإذا تابعنا نشوء الكتابات القدمية وجدنا أن له شبيها في كل من الكتابات الهيروغليفية ثم الفينيقية ثم حور الحرف «كيه» في الكتابة اليونانية القدمية، لقد انبثق هذا الحرف أصالً من حرف هيروغليفية مثل يد مثنية أصابعها ثالثة وقد تكون عددية هذه الأصابع بمثابة تصريحا من المتوفي في اعترافه الإنكاري للحياة الأخرى ثالثة مرات بأنه «طاهر» ولم يقترف أي إثم، أو بما يرمز به عن النفس والروح والحياة السامية كا ، با ، اخ.. لقد انبثقت الكتابة السامية بفروعها المتعددة من الكتابة الهيروغليفية، هذا ما قدمه لنا علماء الآثار والأدب واللغات القدمية، أمثال «منس»، «دي روجيه» و«الن جاردنز» بدأت المقارنة عند فحص كتابات عثر عليها في سراية الخادم بسيناء حيث بقى المصريون ينقبون عن الفيروز منذ بداية الأسرة الثانية عشر وعهد تحتمس الثالث وحتشبسوت وما بعدهما وهي كتابات مصرية هيروغليفية لها مرادفات سامية وفيها تمجيد لربه مصرية تدعي حيحور أو «سيدة الفيروز» وكان في ذات الوقت يعمل مع المصريين عمال ساميون استؤجروا لمعاونتهم في استخراج أحجار الفيروز فتخيروا بعضا من الصور الهيروغليفية التي توحي كل صورة منها باسم من الأسماء السامية، فصوروا بعضا من حروف البناء والتي كانت تتناسب مع نغامتهم الصوتية وقد كان أهون عليهم أن يعايشوا فكرة تخصيص رمزا واحدا لكل حرف بناء ساكن علاوة على حرف حركة غير محدد، وأن يستخدموا هذه الفكرة في لغتهم الخاصة، ولقد عمد الساميون إلى الاستعانة باثنين وعشرين رمزا من رموز المصريين القدماء الشبيهة بالحروف الهجائية واتخذوها بهيئاتها ودلالتها الأصلية لكتاباتهم السامية ثم أدمجوا بعضهما وحوروا فيها.

على أن الكتابة العربية الحديثة قد تكون أصالً صادرة من الكتابة السامية الشمالية الشرقية كالآرامية، كما أنه في تصوري، وهذا افتراض بين على أساس تراكب حرفين ساكنين من الحروف الهيروغليفية في حرف واحد، وهذا ما تعود عليه الساميون في كثير من الأحيان في تلخيص صورتين هيروغليفيتين إلى صورة لحرف واحد للدلالة على تعبيراتهم اللغوية ونغامتها، فأما أن يكون الحرف «س» تعبيرا عن اليد مثنية كما سبق أن ذكرت، أو أن يكون تركيبًا لحرفي بناء، أولهما يعني دولة أجنبية وهو ما يرمز به بالمسننات الثالث، وثانيهما يتمثل في حرف شبيه بالقارب، يعني عرب أو عبور، وقد يكون هذا الحرف «س» المركب كناية تعني عبور شعب أجنبي في عهود هجرة الشعوب المتكررة، ومهام كان هذا التصور فإننا حين نقارن الأشكال القدمية التي تألف منها الحرف «س» كانت غير مكتملة من الناحية الإبداعية، إلا أنه على مر السنين اكتمل نضوجه وتنوع وأضحى عنصرا جماليا تجريديًا. على أن الفنان كمال السراج ينفي إقراب اعماله الفنية من المذهب التجريدي حين يقول «وأستمر في العطاء الفني بأسلوب أكثر إنسانية» أقرب إلى الطبيعة» ذلك لان المذهب التجريدي نفى ارتباطه في بداية نشوئه بمظاهر الطبيعة، فاكتفى موندريان بالتعبير عن الزاوية القائمة والخط المستقيم في كل تصميماته التشكيلية، واستبعد كل عنصر  مائل أو منحني واعتبره سراب لا لزوم له ولم يستعمل السراج كلمة تجريد وصفا لأعماله كما استنكر دي كيريكو أن تكون اعماله سريالية رغم استغراقه في حلم ما وراء الطبيعة واللاشعور، لقد كان المذهب التجريدي في بدايته انعكاسا لموقف وقفه المصورون إزاء فن التصوير، رافضين تلك الواقعية الرسمية في القرن التاسع عشر، حتى الانطباعية والحوشية والتكعيبية والسريالية، حقيقة أن التصوير التجريدي مثله كمثل قطعة موسيقية قيمته في بنائه الداخلي، لا يعرب عن موضوع ما، وليس في حاجة ليك يبرر وجوده كي يعني شيئًا، ولكن قيمته تكمن في بنائه الداخلي وفي تنظيم عناصره في وعي وعقلانية تجردت من الآثار الحسية للاشعور.

إذا كان هذا موقفهم في بداية الأمر، فهل تمكن التجريديين من فصل ذواتهم الحسية وإدراكاتهم الكلية عن أوامر العقل بمعادلاته الرياضية، إن ما يثرينا فعالً ما نراه على مدى نصف قرن لنتاج التجريديين التصويرية حتى يومنا هذا، لقد تشعبت من التجريد اتجاهات وتعددت مسيراتها والتحمت بمصائر حتمية لمذاهب رفضها التجريديين وقت نشوئه، ومل يكن له عرصا ذهبيًا حقيقيًا إلا في الستينيات وأوائل السبعينيات من هذا القرن، حتى أضحى بعد ذلك تراكيب متزاوجة تعددت طرزها، وعند السراج الذي استلهم غالبية عناصره من الطبيعة ليبسطها إلى معادلات حسية في أبسط صورها لم تخلو من التراكب الروحي والحدس اللاشعوري، بل أنه حين احتوت خلفيات لوحاته أحيانًا تقسيمات لخطوط مستقيمة ليعمل بها أشكال هندسية كانت بمثابة صراع لنقيضه الخط المنحني الذي غالبًا ما يثير فينا كماً من التوتر النفسي..  وتعتمد غالبية تراكيب الفنان السراج التشكيلية في التصميم على تراكبها أحيانًا أو بتلامسها أو بتداخلها أو بتشابكها لينشأ منها كلا متجانسا، مستعينا بحشوها بألوان معربه ذات جهد حي متباين تذكرنا بحشوات أيقونات الفن الفارسي الإسلامي في عصره الذهبي.

ولما كانت شخصية الفنان كمال السراج مصدرها مجتمعه، فهو بالضرورة ينتمي إليه فهو أوال وقبل كل شيء كلي حتى إذا أدرك الطرز المعاصرة الأجنبية بمعايري المعرفة البحتة، فهو بهذا التعبير الجمالي لأعماله الفنية مصريًا ينتمي إلى مصريته، رغم دراسته للثقافة الأجنبية وتذوقه لها، وأسلوبه ينتمي إلى أصالته وشخصيته التي لم تتوه منه، إذ أن إدراكه كفنان مصري معاصر قد يختلف عنه عند فنان أوروبي معاصر في سلوكه الإدراكي ، أو موقفه العقائدي الديني والفلسفي أو في سلوكه العملي الحسي، علاوة على عنصر  الإرادة لابتكار شكل مميز أو إعادة صياغته من وجهة نظر اكثر قومية وشخصية.